فصل: تفسير الآية رقم (8):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (187):

{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)}
{مِيثَاقَ} هو اليمين. {الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} اليهود، أو اليهود والنصارى، أو كل من أوتي علم شيء من الكتب، أخذ أنبياؤهم ميثاقهم لتبيننه للناس. {لَتُبَيِّنُنَّهُ} لتبينن الكتاب الذي فيه ذكر محمد صلى الله عليه وسلم، أو لتبينن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

.تفسير الآية رقم (188):

{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)}
{يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَواْ} اليهود فرحوا باتفاقهم على تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم، وإخفاء أمره، وأحبوا {أن يُحْمَدُواْ} بأنهم أهل علم ونسك، أو المنافقون فرحوا بقعودهم عن الجهاد، وأحبوا {أَن يُحْمَدُواْ} بما ليس فيهم من الإيمان به.

.تفسير الآية رقم (193):

{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193)}
{مُنَادِيًا} النبي صلى الله عليه وسلم، أو القرآن، لأن كل الناس لم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم {لِلإِيمَانِ} إلى الإيمان {الحمد للَّهِ الذي هَدَانَا لهذا} [الأعراف: 43] وقال:
أوحى لها القرار فاستقرت ** وشدها بالراسيات الثبت

.تفسير الآية رقم (194):

{رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)}
{وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا} المقصود منه مع العلم بأنه لا يخلف وعده الخضوع بالدعاء والطلب، أو طلبوا التمسك بالعمل الصالح، أو طلبوا تعجيل النصر وإنجاز الوعد، أو معناه اجعلنا ممن وعدته ثوابك.

.تفسير الآية رقم (195):

{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)}
{مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى} قالت أم سلمة: يا رسول الله ما بال الرجال يذكرون في الهجرة دون النساء فنزلت {بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} الإناث من الذكور والذكور من الإناث.

.تفسير الآية رقم (196):

{لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196)}
{لا يَغُرَّنَّكَ} تأديباً له وتحذيراً، أو هو خطاب لكل من سمعه أي لا يغرنك أيها السامع. {تَقَلُّبُ} تقلبهم في نعم البلاد، أو تقلبهم غير مأخوذين.

.تفسير الآية رقم (199):

{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199)}
{وَإِنَّ مِنْ أهْلِ} عبد الله بن سلام ومسلمي أهل الكتاب أو نزلت في النجاشي لما صلى عليه الرسول صلى الله عليه سلم قال المنافقون: انظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني لم يره قط.

.تفسير الآية رقم (200):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)}
{اصْبِرُواْ} على طاعة الله تعالى {وَصَابِرُواْ} أعداءه {وَرَابِطُواْ} في سبيله، أو {اصْبِرُواْ} على دينكم {وَصَابِرُواْ} الوعد الذي وعدتكم {وَرَابِطُواْ} عدوكم، أو {اصْبِرُواْ} على الجهاد {وَصَابِرُواْ} العدو {وَرَابِطُواْ} بملازمة الثغر، من ربط النفس، ومنه ربط الله على قلبه بالصبر، أو {رابطوا} بانتظار الصوات الخمس واحدة بعد واحدة قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على ما يمحوا الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات» قالوا: بلى يا رسول الله، قال «إسباغ الوضوء عند المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط».

.سورة النساء :

.تفسير الآية رقم (1):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)}
{نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} آدم عليه الصلاة والسلام. {زَوْجَهَا} حواء، خلقت من ضلعه الأيسر، ولذا قيل للمرأة: «ضلع أعوج»، قال الرسول صلى الله عليه وسلم لما نزلت: «خلقت المرأة من الرجل فهمها الرجل، وخلق الرجل من التراب فهمه في التراب». {تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} كقوله: أسألك بالله وبالرحم، أو والأرحام صلوها ولا تقطعوها، أخبر أنه خلقهم من نفس واحدة ليتواصلوا ويعلموا أنهم إخوة. {رَقِيبًا} حفيظاً، أو عليماً.

.تفسير الآية رقم (2):

{وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)}
{وَلا تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} الحرام بالحلال، أو أن تجعل الزايف بدل الجيد، والمهزول بدل السمين، وتقول: درهم بدرهم، وشاة بشاة، أو استعجال أكل الحرام قبل مجيء الحلال، أو كانوا لا يورثون الصغار والنساء ويأخذ الرجل الأكبر فيتبدل نصيبه الطيب من الميراث بأخذه الكل وهو خبيث. {إِلَىَ أَمْوَالكُِمْ} مع أموالكم، وهو أن يخلطوها بأموالهم فتصير في ذمتهم فيأكلوا ربحها. {حُوبًا} إثماً، تحوب من كذا توقى إثمه.

.تفسير الآية رقم (3):

{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)}
{وَإِنّ خِفْتُمْ} أن لا تعدلوا في نكاح اليتامى {فَانكِحُواْ} ما حل لكم من غيرهن، أو كانوا يخافون ألا يعدلوا في أموالهم، ولا يخافون أن لا يعدلوا في النساء فقيل لهم: كما خفتم أن لا تعدلوا في أموال اليتامى فكذلك خافوا أن لا تعدلوا في النساء، أو كانوا يتوقون أموال اليتامى ولا يتوقون الزنا فأُمروا أن يخافوا الزنا كخوف أموال اليتامى فيتركوا الزنا وينكحوا ما طاب، أو كانت قريش في الجاهلية تكثر التزوج بلا حصر فإذا كثرث عليهم المؤن وقل ما بأيديهم أكلوا ما عندهم من أموال اليتامى فقيل لهم: إن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا إلى الأربع حصراً لعددهن. {مَا طَابَ} من طاب، أو انكحوا نكاحاً طيباً. {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعدِلُواْ} في الأربع. {تَعُولُواْ} تكثر عيالكم، أو تضلوا، أو تجوروا والعول: من الخروج عن الحق، عالت الفريضة لخروجها عن السهام المسماة، وعابت أهل الكوفة عثمان رضي الله عنه تعالى، في شيء فكتب إليهم (إني لست بميزان قسط لا أعول).

.تفسير الآية رقم (4):

{وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)}
{وَءَاتُواْ النِّسآءَ} أيها الأزواج عند الأكثرين، أو أيها الأولياء، لأن الولي في الجاهلية كان يتملك صداق المرأة. {نِحْلَةً} النحلة: العطية بغير بدل، الدِّين نحلة، لأنه عطية من الله تعالى ومنه النَّحْل لإعطائه العسل، أو لأن الله تعالى نحله عباده، الصداق أي نحلة من الله تعالى لهن بعد أن كان ملكاً لآبائهن، أو فريضة مسماة، أو نهى عما كانوا عليه من خطبة الشغار والنكاح بغير صداق، أو أراد طيب نفوسهم بدفعه إليهم كما يطيبون نفساً بالهبة. {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ} أيها الأزواج عند من جعله للأزواج، أو أيها الأولياء عند من رآه لهم. {هَنِيئًا} الهني: ما أعقب نفعاً وشفاء منه هنأ البعير لشفائه.

.تفسير الآية رقم (5):

{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)}
{السُّفَهَآءَ} النساء، أو الصبيان، أو كل مستحق للحَجْر، أو الأولاد المفسدين، نهى أن يقسم ماله بينهم ثم يصير عيالاً عليهم، والسَّفَه: خِفَّة الحُلم، ولذا وصف به الناقص العقل، والمفسد للمال لنقصان تدبيره، والفاسق لنقصانه عند أهل الدين. {أَمْوَالَكُمُ} أيها الأولياء، أو أموال السفهاء. {قِيَامًا} و{قياماً} قوام معايشكم. {وَارْزُقُوهُمْ} أنفقوا من أموالكم على سفهائكم أو لينفق الولي مال السفيه عليه. {قَوْلاً مَّعْرُوفًا} وعداً جميلاً، أو دعاء كقوله: (بارك الله فيك).

.تفسير الآية رقم (6):

{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)}
{وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى} اختبروهم في عقولهم وتمييزهم وأديانهم. {النِّكَاحَ} الحلم اتفاقاً. {ءَانَسْتُم} علمتم {رُشْدًا} عقلاً، أو عقلاً وصلاحاً في الدين، أو صلاحاً في الدين والمال، أو صلاحاً وعلماً بما يصلح. {إِسْرَافاً} تجاوز المباح، فإن كان إفراطاً قيل أسرف إسرافاً، وإن كان تقصيراً قيل سرف يسرف. {وَبِدَارًا} هو أن يأكله مبادرة أن يكبر فيحول بينه وبين ماله. {فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} قرضاً ثم يرد بدله، أو سد جوعه وستر عورته ولا بدل عليه، أو يأكل من ثمره ويشرب من رِسْل ما شيته ولا يتعرض لما سوى ذلك من أمواله، أو يأخذ أجره بقدر خدمته، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «كُلْ من مالِ يتيمك غير مسرف ولا متأثل مالك بماله» {حَسِيبًا} شهيداً، أو كافياً من الشهود.

.تفسير الآية رقم (7):

{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)}
{لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ} نزلت بسبب أن الجاهلية كانوا يورثون الذكور دون الإناث.

.تفسير الآية رقم (8):

{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8)}
{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} منسوخة بآية المواريث، أو محمولة على وصية الميت لمن ذكر في الآية وفيمن حضر، أو محكمة فلو كان الوارث صغيراً فهل يجب على وَليِّه الإخراج من نصيبه؟ فيه قولان: أحدهما: لا يجب، ويقول الولي لهم قولاً معروفاً. {وَقُولُواْ} أمر الآخذ أن يدعو للدافع بالغنى والزرق، أو أمر الوارث والولي أن يقول للآخذين عند إعطائهم المال قولاً معروفاً.

.تفسير الآية رقم (9):

{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9)}
{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ} يحضرون الموصي أن يأمروه بالوصية بماله فيمن لا يرثه بل يأمرونه بإبقاء ماله لورثته كما يؤثرون ذلك لأنفسهم، أو أمر بذلك الأوصياء أن يحسنوا إلى الموصى عليه كما يؤثرون ذلك في أولادهم، أو من خاف الأذى على ذريته بعده وأحب أن يكف الله تعالى عنهم الأذى فليتق الله تعالى في قوله وفعله، أو مر به الذين ينهون الموصي عن الوصية لأقاربه ليبقى ماله لولده، وهم لو كانوا أقرباء الموصي لآثروا أن يوصي لهم.

.تفسير الآية رقم (10):

{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)}
{نَارًا} يصيرون به إلى النار، أو تمتلئ بها بطونهم عقاباً يوجب النار، وعَبَّر عن الأخذ بالأكل، لأنه المقصود الأغلب منه، والصلا: لزوم النار.

.تفسير الآية رقم (11):

{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)}
{يُوصِيكُمُ} كانوا لا يورثون الجواري ولا الضعفاء من الغلمان، ولا يورث الرجل من ولده إلا من أطاق القتال، فمات عبد الله أخو حسان الشاعر وترك خمس أخوات فأخذ ورثته ماله فشكت زوجته ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت. {فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} فرض الاثنتين الثلثان كالأختين، وخالف فيه ابن عباس فجعل لهما النصف، {وَلأَبَوَيْهِ لكل واحد منهما السُّدُسُ} نسخت كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين والأقربين فنسخ من ذلك فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، ولكل واحد من الأبوين السدس، واتفقوا على أن ثلاثة من الإخوة يحجبون الأم إلى السدس، والباقي للأب، وقال طاوس يأخذ الإخوة ما حجبوها عنه وهو السدس، والأخوان يحجبانها إلى السدس خلافاً لابن عباس. وقدّم الدَّيْن والوصية على الإرث، لأن الدِّيْن حق على الميت، والوصية حق له فقدما، وقد قضى الرسول صلى الله عليه وسلم بتقديم الدَّيْن على الوصية إذ لا ترتيب في (أو) {لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ} أنفع لكم في الدين أو الدنيا.

.تفسير الآية رقم (12):

{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)}
{كَلالَةً} الكلالة: من عدا الولد، أو من عدا الوالد، أو من عداهما، والمسمى بالكلالة هو الميت، أو وارثه، أو كلاهما، والكلالة من الإحاطة لإحاطتها بأصل النسب الذي هو الولد والوالد، ومنه الإكليل لإحاطته بالرأس.